يسأل أحد القراء: أعمل خارج مصر، واكتشفت وجود الفيروس سى بعدد 460.000 وحدة فى بداية العام 2008، والإنزيمات كانت شبه طبيعية يعنى 1.5 ضعف تقريبًا، وأخذت كورس كامل من الإنترفيرون والريبافيرين لمدة 53 أسبوعا (البيجاسيس الألمانى)، ونزل الوزن من 125 إلى 113 كيلو أثناء العلاج، ولكن عاد الفيروس بنسبة 205.000 وحدة، بعد أن كان سلبى طوال مدة العلاج، (ثلاث مرات من بعد الحقنة 10 إلى آخر حقنة كان سلبي)، والأنزيمات عادت بـ 7 أضعاف تقريبا، وذلك بعد حوالى 4 أشهر من توقف العلاج، الآن عمرى 44 سنة، الوزن 124 كيلوجراما، والطول 180 سم، لا أدخن ولا أجلس فى أى مكان به تدخين، وفى 30-6-2010 عملت تحاليل أنزيمات وصورة دم وألبيومين وسكر ودهون فى الجسم وكلها كانت طبيعية، ماذا أفعل؟ أنا أحتاج النصيحة، أولًا ثم الإفادة عن درجة عينة الكبد 3/6 ماذا تعنى؟ هل الكبد فى حالة خطرة أم ماذا؟ وهل يمكن أن تكون تراجعت بفضل علاج الانترفيرون الذى حصلت عليه؟
علمًا بأن صورة الأشعة التليفزيونية لا توضح أى تليف، وتظهر فقط بعض الدهون وحصوة بالمرارة 2.1سم لا تشكل أى ألم حتى الآن، هل أتناول أى علاجات للكبد مثل السليمارين أم أكرر العلاج أم ماذا أفعل بعد تلك الانتكاسة؟
يجيب الدكتور مدحت خليل استشارى الجهاز الهضمى والكبد والتغذية العلاجية قائلا:
"الإنترفيرون عبارة عن مادة بيولوجية تفرزها خلايا الجسم (خاصة خلايا الدم البيضاء )، بكميات ضئيلة بعد دخول أى ميكروب أو فيروس إلى الجسم، ويعتبر الانترفيرون أسرع خط دفاعى يتم إفرازه بعد إصابة الجسم بأى عدوى بالإضافة إلى الخلايا الطبيعية القاتلة – Natural Killer Cells (NK).
اكتشف الانترفيرون عام 1957 على يد اثنين من العلماء البريطانيين، عندما وجدا أن هناك مادة تفرز من الخلايا الحيوانية إثر إصابتها بفيروس الأنفلونزا، وهى مادة تعمل على تثبيط تناسخ الفيروس، وفى عام 1960 أوضح العالم (كانتل)، أن كريات الدم البيضاء قادرة على إنتاج الإنترفيرون بمعدل يبلغ عشرة أضعاف ما يتم إفرازه فى خلايا الجسم، ثم تمكن العلماء بعد ذلك من استخدام تقنية الهندسة الوراثية لتحضير مادة الانترفيرون على هيئة مستحضر دوائى، يتم إنتاجه بكميات كبيرة فى بعض البكتريا".
يستخدم الإنترفيرون فى العديد من فروع الطب للعلاج، خاصة الفيروسات الكبدية (بى) و(سى)، وسرطان الدم، وبعض السرطانات الأخرى.
أما أنواع الإنترفيرون فهى ثلاثة أنواع رئيسية يتم إفرازها فى جسم الإنسان:
ألفا (تفرزه كريات الدم البيضاء)
بيتا (تفرزه الخلايا الليمفاوية الأم)
جاما (تفرزه الخلايا اللمفاوية –T)
تتفق كل أنواع الإنترفيرون فى تركيبها الكيميائى الأساسى، إذ أنها تتكون من سلسلة من الأحماض الأمينية، ولكن تختلف فى ترتيبها وعددها.
ما المقصود بالإنترفيرون ممتد المفعول؟
الإنترفيرون ممتد المفعول (بيج انترفيرون PEG-Interferon)، عبارة عن دمج الإنترفيرون العادى مع مركب عضوى (مادة بولى إيثيلين جليكول)، تبطئ من امتصاص وتخلص الجسم من الإنترفيرون، مما يؤدى إلى ثبات تركيزه العالى فى الدم، لفترة طويلة تصل إلى حوالى أسبوع وبذلك يعطى تأثيرا قويا على الفيروسات، بالإضافة إلى ميزة حقنه أسبوعيا، يوصف الإنترفيرون ممتد المفعول بتركيزات مختلفة (120 إلى 180 مجم)، حسب وزن المريض، وأصبح يمثل الآن الاختيار الأول لوصف العلاج لمرضى الفيروس (سى)، ولكن بشروط.
ما ضوابط استخدام الانترفيرون؟
الإنترفيرون سلاح ذو حدين، لذلك يحتاج استخدامه إلى وقفة متأنية، ومحاولة وضع الضوابط والمعايير الطبية الدقيقة، للحد من الاستخدام الخاطئ للدواء، فاستخدام الأدوية فى غير موضعها الصحيح له مضاره، متمثلة فى النتائج السيئة على صحة المريض، والنتائج السلبية على دخل المريض، والأسرة بل والمجتمع ككل، اختيار الدواء المناسب للمريض المناسب المتوافق مع مرحلة المرض هو أولى خطوات العلاج الناجح.
الإنترفيرون عقار باهظ التكاليف لا تقدر على دفع فواتيره إلا الدول الغنية، قد يتم وصفه لمريض غير مؤهل حسب القواعد الطبية لاستخدام هذا العقار، ومن هنا جاءت فكره ترشيد استخدام الإنترفيرون حتى لا نكلف الدولة والمواطن أكثر مما يطيق!
هل كل المرضى المصابين بالفيروسات الكبدية مؤهلون للعلاج بالإنترفيرون؟
يتم تقسيم المرضى إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى:
تتوافر فيها الشروط الثلاثة المؤهلة للعلاج بالانترفيرون، وهى ارتفاع معدل الإنزيمات أكثر من ضعف المعدل الطبيعى، لا يجوز استخدام العلاج بالإنترفيرون إذا كانت أنزيمات الكبد فى المعدل الطبيعى، إلا إذا أشارت عينة الكبد إلى التهاب كبدى متوسط إلى شديد الدرجة، أو بداية مرحلة التليف، ووجود الحامض النووى للفيروس بواسطة تحليل PCR، وأن تكون عينة الكبد تشير إلى التهاب مزمن نشط مع بداية التليف، حيث وجد أن هؤلاء المرض هم أكثر استفادة من العلاج بالإنترفيرون، فلا ينصح استخدام الإنترفيرون فى حالات الإلتهاب الطفيف أو التليف المتقدم.
المجموعة الثانية:
هذه المجموعة تتوافر فيها شروط العلاج بالإنترفيرون، لكنها تعانى من مخاطر مصاحبة للعدوى بالفيروس الكبدى تزيد من شده المرض وتقلل من الاستجابة للعلاج، لذا يجب استبعاد أو على الأقل التخفيف من هذه المخاطر مثل:تشحم الكبد فى مرضى السمنة، مرض السكرى من النوع الثانى، الإصابة المزدوجة بالفيروس الكبدى والبلهارسيا، الإصابة المزدوجة بالفيروسات الكبدية، مثل الإصابة بفيروس B وC معا، إدمان الكحول، الإفراط فى التدخين، استخدام بعض الأدوية الضارة بالكبد، مثل أدوية الروماتزم والمهدئات والهرمونات، ارتفاع نسبة الحديد فى الدم، التوتر المصاحب للعدوى بالفيروسات الكبدية، وهو ما يتسبب فى انخفاض مناعة الجسم وقلة إفراز الإنترفيرون الذاتى.
المجموعة الثالثة:
(لا للإنترفيرون)، لا تنطبق على هذه المجموعة شروط العلاج بالإنترفيرون، ولا ينصح المرضى بالعلاج فى هذه الحالات، لانعدام الاستجابة: التليف المتقدم، الاستسقاء، القئ الدموى الناتج عن الدوالى، بوادر الغيبوبة الكبدية، أمراض اعتلال المناعة، اضطراب وظائف الغدة الدرقية، سرطان الكبد، أمراض الكبد الوراثية، المرضى زرعى الكلى، مرضى الاكتئاب المزمن أو الشديد، انخفاض كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية بشكل ملحوظ.
هل من الضرورة أخذ عينة من الكبد قبل العلاج بالإنترفيرون؟
أخذ عينة من الكبد أساسى قبل بدء العلاج بالإنترفيرون، للأسباب التالية: تحديد درجه الالتهاب ومرحلة التليف، تحديد نوع المريض الذى يمكن أن يستفيد من العلاج، ألا وهو مريض الالتهاب الكبدى المزمن النشط الذى ينذر بحدوث التليف، استبعاد المرضى الذين لا ينطبق عليهم شروط العلاج بالأنترفيرون، مثل حالات الالتهاب الطفيف أو التليف المتقدم، تشخيص أى إصابة مرضية أخرى بالكبد، تحديد إمكانيه علاج المرضى الذين يتمتعون بمعدل طبيعى للإنزيمات الكبدية.
ما المؤشرات الدالة على نجاح العلاج بالإنترفيرون؟
عودة الإنزيمات الكبدية إلى المعدل الطبيعى، أو القريب من الطبيعى، انحسار الالتهاب والتليف الكبدى باستخدام عينة الكبد، تحسن الصحة العامة، ونوعية الحياة للمريض، اختفاء الفيروس من الدم، باستخدام تحليل PCR.
متى ينصح بعمل تحليل PCR لتقييم الاستجابة للعلاج بالإنترفيرون؟
تحليل الـ PCR مكلف ماديا، وتتضارب نتائجه فى مصر، وبعض دول العالم، يستخدم هذا الاختبار مبدئيا لتأكيد تشخيص المرض بالإضافة إلى تقييم مراحل العلاج على ثلاث مراحل:
الاستجابة المبكرة (بعد 3 شهور من بداية العلاج)
استجابة نهاية العلاج (بعد نهاية فترة العلاج)
الاستجابة المستديمة (بعد 6 شهور من إيقاف العلاج)
ما الأعراض الجانبية للإنترفيرون؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
أعراض تتشابه مع نزلة البرد مثل ارتفاع درجه الحرارة، مصحوبة بآلام فى العضلات والمفاصل وصداع، تحدث هذه الأعراض غالبا خلال الأسابيع الأولى من العلاج، وسرعان ما تزول باستعمال بعض المسكنات البسيطة مثل عقار (باراسيتامول) – لا يستوجب حدوثها إيقاف العلاج، انخفاض عدد كريات الدم البيضاء والصفائح الدموية، ويمكن التغلب عليها بتخفيض الجرعة الاكتئاب وسقوط الشعر، قد يحدث مع استمرار العلاج لمدة طويلة، يمكن التغلب عليها بتخفيف الجرعة، أو إيقاف العلاج حسبما يتراءى للطبيب، حيث أن هذه الأعراض تزول مع إيقاف العلاج، واختلال وظائف الغدة الدرقية سواء انخفاض أو ارتفاع نسبة هرمونات الغدة الدرقية، أو زيادة نسبة الأجسام المناعية للغدة الدرقية، يمكن تقليل الجرعة أو إيقاف العلاج.
متى يجب إيقاف العلاج بالإنترفيرون؟
• حدوث أعراض جانبية شديدة لا يتحملها المريض مثل:
• انخفاض عدد الصفائح الدموية إلى أقل من (50.000).
• انخفاض عدد كريات الدم البيضاء إلى أقل من (2000).
• اضطرابات الغدة الدرقية، وزيادة نسبة الأجسام المناعية للغدة الدرقية Thyroid Antibodies.
• عدم اختفاء الفيروس من الدم بعد 3 أشهر من العلاج.
• نهاية المدة الزمنية للعلاج، واختفاء الفيروس من الدم طبقا لتحليل PCR.
• ظواهر فشل كبدى مثل الاستسقاء، أو بوادر غيبوبة، أو نزف دوالى المرئ فى أثناء العلاج.
عودة نشاط الفيروس بعد استكمال العلاج بالإنترفيرون؟
نسبة الاستجابة المستديمة للعلاج بالإنترفيرون فى حالات فيروس سى من النوع الرابع المنتشر فى مصر، تتراوح بين 55 إلى 60 بالمائة، وقد يحدث بعد الانتهاء من العلاج، ومرور فترة زمنية على مثل هذه الحالة أن يحدث زيادة نشاط للفيروس، فترتفع إنزيمات الكبد، كما ترتفع قراءات تحليل الـ PCR، فيعتقد المريض أنه أهدر ماله ووقته فى علاج بلا فائدة، وهذا خطأ فقد أثبتت الأبحاث أن العلاج بالإنترفيرون يلعب دورا هاما فى انحسار نسبة الالتهاب والتليف بالكبد، وهذا ما أكدته عينات الكبد بعد الانتهاء من العلاج.
لذلك أنصح القارئ العزيز باستكمال استخدام المكمل الغذائى المنشط والواقى للكبد، ويفضل أخذ عينة أخرى من الكبد لمقارنتها بالعينة الأولى قبل العلاج، وقد يستفيد لاحقا فى المستقبل القريب من العقاقير الحديثة التى سوف تظهر قريبا لزيادة معدلات الاستجابة للعلاج.
الكاتب: أمل علام
المصدر: موقع اليوم السابع